la ville de Demnate  ,  مدينة دمنات

مدونة مدينة دمنات الجميلة التي تقع وسط جبال الاطلس المغربي la ville de Demnate est une belle ville Marocain

الأربعاء، 11 ديسمبر 2019

التحولات التي عرفتها دمنات في ظل الحماية

التحولات التي عرفتها دمنات في ظل الحماية




أدخل الاستعمار الفرنسي نمطا إِقتصاديا جديدا يعتمد على الرأسمالية المتوحشة والمستندة على الإستغلال الإمبريالي في وقت كانت البنية الإقتصادية المغربية تعيش في ما يسمى بالمرحلة ما قبل الرأسمالية. وقد تأثرت دمنات من جرّاءِ هذا التحول الاقتصادي الجديد والذي لم تستطع أن تواكبه نظرا لعوامل عديدة أهمها:
  • اعتماد المغرب على وسائل نقل حديثة في التبادل التجاري خاصة منها الطرق والآلات الحديثة المستعملة في النقل،وهي أدوات حُرِمت منها دمنات مع بداية الحماية.
  • فتح طريق جديدة وحديثة عبر ممر تيزي نتشكا وعصرنة وسائل النقل.
  • تراجع كبير لوسائل النقل التقليدية وخاصة تجارة القوافل التي تربط دمنات بالصحراء والعواصم التقليدية.
كل ذلك أدى إلى تهميش دمنات وجعلها تتخلى عن الدورالتقليدي الذي الذي كانت تلعبه من قبل وهو مركز عبور القوافل. فمن خلال قراءة مجلة Bulletin économique et social du Maroc 1955 N°67 page 359والخاص بموضوع دير دمنات، نستنتج بأن دَوْر دمنات كمدينة قد انتهى مع ظهور وسائل النقل الحديثة ورجعت إلى وضعيتها القديمة كمركز قروي يعتمد على إنتاج الزيتون والبستنة التي لا تخلو بدورها من مشاكل أهمها شيخوخة مغارس الزيتون وضعف المجال السقوي إما بسبب الجفاف أو بسبب سوء التوزيع والتجهيز.
ومن نفس المصدر السابق نستنتج أن حكما خطيرا كان مُنَظِّروا السياسة الاستعمارية في المغرب قد أصدروه. ويتجلّى هذا الحكم في أنّ كلاّ من دمنات وإيمنتانوت وايت اورير.
وكلها منافذ للأطلس الكبير ومع ذلك فحظوظها لكي تصبح مُدنا حقيقيا جد ضعيفة نظرا لقربها من مراكز كبرى احتكرت الوظائف الجديدة وهي مراكش وبني ملال وفيما بعد أكادير.
وإن كان هذا الحكم قد صدر في الخمسينات من هذا القرن أي أواخر عهد الحماية، فإن وضعية هذه المدن الثلاثة الأخيرة حاليا تُزكي هذا الطرح الإستعماري وذلك بعد أربعة
عقود من الإستقلال.وقد عمل الإستعمار على تكثيف استغلاله لخيرات المنطقة وعمل على إنجاز مشاريع ذات طابع إداري أمني واقتصادي،وتهدف هذه المشاريع إلى النهوض بدمنات ونواحيها ومحاولة الإرتقاء بها كمركز حضري.وذلك أيام فترة الحماية.ولا يخفى طبعا الأهداف والنوايا الإستعمارية من وراء هذه المشاريع التحديثية والتي شمِلت قطاعات ومجالات متعددة أهمها:
  • الطرق:
كان هدف الاستعمار هو ربط دمنات بمراكش وبالتالي بباقي أنحاء المغرب. ثم بعد ذلك فتح طرق ثانوية لربط دمنات بالقبائل الجبلية المجاورة حيث رجعوا إلى طرق القوافل القديمة وقامو بتوسيعها عن طريق تجنيد القبائل في أعمال السخرة الجماعية بتنسيق مع الشيوخ.
وكان الهدف من فتح هذه الطرق واضحا وهو تسهيل تحرك القوات الفرنسية في المناطق الجبلية التي تميزت بعصيانها في ما سبق و من شأن فتح هذه الطرق أن يساهم في تطويع القبائل.
كما أن الهدف من فتح هذه الطرق أيضا تسهيل عملية نقل المعادن التي اكتُشفت في الجبال المجاورة لدمنات، كما أكّد ذلك التقرير الذي أنجزهُ مكتب الأبحاث والمساهمات المعدنية B.R.P.M وأيضا من أجل نقل المنتجات الفلاحية والغابوية التي تنتجها منطقة دمنات.
  • التجهيزات الاجتماعية:
المدارس: اهتم الإستعمار بإدخال النمط الجديد في التعليم إلى جانب التعليم العتيق الذي عرفته جوامع ومساجد وزوايا منطقة دمنات.فقام ببناء المدرسة الفرنسية الإسلامية و هي المدرسة المركزية حاليا كما أسس في حي الملاح المدرسة الفرنسية الإسرائيلية و هي مدرسة حي الصناع اليوم و بنى أربع فرعيات ملحقة بالمدرسة الفرنسية الإسلامية و هي فرعية إمليل ، فرعية الصور ، فرعية تيزغت و فرعية اولاد خلوف.
ومعلوم أن الهدف من التعليم في هذه المدارس الحديثة هو تكوين الأطر الصغرى حيث كان التركيز أكثر خلال مرحلة التعليم الإبتدائي على التعليم الفلاحي لقطع الطريق على أية محاولة لإتمام الدراسة الثانوية في مراكش أو غيرها إلا نادرا وحسب الإمكانيات المادية المتوفرة لدى المتعلم.
  • الرياضة:
يظهر من مخطط التهيئة والمجسم الذي وضعته سلطات الاستعمار (BESM العدد 67 الصفحة 366) أن هناك نية في تشييد ملعب لكرة القدم في دمنات وكذلك مسبح وسينما.
وتم فعلا بناء مسبح لكن في مركز إمليل حيث تتواجد الإدارة الإستعمارية.أما المشاريع الأخرى فلم تُنجز لحد الآن.
  • الصحة العمومية:
تمثلت في بناء مستشفى عمومي قروي حضري يُقَدم الخدمات الأولية وكذلك مستوصف داخل المدينة. ومعلوم أن اهتمام السلطات الاستعمارية بالصحة نابع من تخوف الفرنسيين من الإصابة بالعدوى أو الأمراض المنتشرة بين الأهالي كما يسمونهم.
  • البريد:
كانت له أهمية كُبرى لما يلعبه من دور خطير في تثبيت نفوذ الاستعمار وتوفير الأمن في المناطق المحتلة لذلك بادر الاستعمار الفرنسي في المنطقة ببناء بناية خاصة بالبريد عند المدخل الرئيسي للمدينة، وكانت تُعَد معلمة عمرانية خاصة بدمنات لكِنّه مع كل أسف هُدمت هذه البناية وحلّت محلّها بناية جديدة بتصميم مُغاير تماما لنفس المؤسسة.
  • المشاريع الاقتصادية في عهد الحماية :
  • استغلال الموارد الفلاحية :
تعتمد دمنات ونواحيها على الفلاحة الشجرية بفضل كثافة أشجارها المُثمِرة. فحسب الإحصائيات التي أنجزتها الإدارة الاستعمارية فإن هناك 260000 شجرة زيتون و260000 شجرة لوز و150000 شجرة ذات إنتاج متنوع إضافة إلى 70000 شجيرة كروم. حسب ما ورد في الصفحة 361 من مجلة B.E.S.M عدد 67 سنة 1955م.
   وهذا ما شجع الإدارة الاستعمارية لإقامة تعاونية خاصة بعصر الزيتون سنة 1941 م تحت اسم (الشركة الجنوبية لاستخراج الزيت) تتوفر على معمل حديث مُجَهز بأحدث التجهيزات الميكانيكية ووسيلة للنقل الحديث (شاحنة) وإدارة حديثة وتوجد هذه التعاونية قرب المدرسة المركزية بدمنات. وكانت طاقتها الإنتاجية 140 طن في السنة. وقد استفز هذا المشروع فَلاّحي المنطقة سواء من حيث إجبارهم على بيع إنتاجهم من الزيتون بأثمان تَقِل كثيرا عن ثمن السوق. وقد جنّدت سلطات الاستعمار كافة عملائها وأعوانها من أجل إرغام منتجي الزيتون على بيع غِلّتهم بالثمن الذي تُحدِّدُه إدارة الشركة. مما دفعهم إلى اتخاد موقف سلبي تُجاه هذه الشركة. كما أن الشركة تقوم بتصدير كل الإنتاج من الزيت إلى خارج المنطقة أو خارج المغرب مما يحْرُم الفلاح الدمناتي من تحقيق اكتفائه الذاتي من الزيت التي تعتبر المادة الأساسية في المنطقة. لذلك فإن هذا المشروع سرعان ما توقف عن الإنتاج مباشرة بعد إعلان الاستقلال حيث رفض المنتجون تزويد الشركة بالزيتون بل تحول هذا المشروع إلى أطلال بعدما نُهِبَت مُعِدّاته وحتّى خشب سقفه.
  • تحويل الدوم أو الحلفاء:
نظرا لوفرة نباتات الحلفاء في منطقة دمنات وجبالها فقد عملت سلطات الحماية على إنشاء معمل خاص بتحويل وغزل الدوم الخام وذلك سنة 1943م. وعرف باسم المكينة وذلك قرب الثكنة العسكرية بإمليل. وعمل هذا المشروع مدة طويلة وكان يُشَغل عشرات العُمّال بصفة مباشرة وغير مُباشرة. وكان يُصَدّر معظم الإنتاج إلى المدن الكبرى أو حتى إلى خارج البلد.
  • الصناعة الحرفية :
  • الدباغة والخرازة :
تعتبر دمنات من المدن القديمة كما توجد بها جالية يهودية مُهمة تمت الإشارة إليها سابقا، وكان من الطبيعي إذن أن تُزْدهر الحرف التي كانت تَسْتَجِيب لحاجيات المدينة وزوارها من المناطق المُجاورة. وكان يقوم بها حرفيون مَهَرة سواء من اليهود أو المسلمين وتَعلّم معظمهم في العواصم التقليدية فاس ومراكش.وقد اشتهرت عائلات في هذا المجال منها من بقي في دمنات ومنها من هاجر إلى المدن الكبرى. وازدهرت أحياء حرفية خاصة في مثل حي الفلاح المتخصص في الخرازة والدباغة والمكان معروف اليوم بالسماط أو زنقة الزّيوَانِي أي الجلود
المستعملة في صناعة البلغة. وازدهر كذلك حي الملاح حيث يتواجد اليهود اللذين تفننوا في كل الحرف. وكان الحيان المذكوران يتوفران على مدبغتين كبيرتين لا يقلان أهمية عن المدابغ الكبرى في مراكش وفاس. وتجدر الإشارة إلى أن المواد الأولية المستعملة في الدباغة كلها من إنتاج محلي سواء من الجلود ثم مواد الدباغة والصباغة.
لكن مع دخول الاستعمار إلى المنطقة عمل على احتكار الجلد كما فعل بالزيتون وتصديره خاما إلى المدن الكبرى لمعالجته في المدابغ العصرية.وقد انعكس ذلك سلبا على فئة الحرفيين الذين تراجعت مداخيلهم بل اضطر مُعظمُهم إلى الهجرة خارج دمنات للعمل في الحرف الأخرى بعد أن كانت الدباغة والخِرَازة من الحرف التي يتهافت الكل لتعلمها بفضل المداخيل التي تُدِرها على صاحبها. ونستنتج هذه الفكرة من مخطوط (القول الجامع لصاحبه احمد بن إبراهيم نجيب الفتاوي الصفحة 77 والذي اعتمده الأستاذ احمد توفيق كمرجع في أطروحته إينولتان)
وازدادت أهمية منطقة دمنات لدى سلطات الاستعمارفبالإضافة إلى الثروة المعدنية هناك أيضا الثروة المائية، حيث أن سلطات الحماية وضعت مخططات مائية جد طموحة تهدف إلى جمع مياه حوض نهر تساوت وروافده خاصة وادي الخضر وواد إيورضن وبناء سدود لإنتاج الطاقة الكهرومائية وسقي منطقتي الحوز والسراغنة أي أراضي المعمرين وأراضي الخواص من الأعيان في هذه المناطق.
وقد برمج الاستعمار أربعة سدود ذات حقينة مُتوسطة وصغيرة وهي.
  • سد سيدي ادريس 106 مليون متر مكعب على وادي الخضر بعد أن يلتقي بوادي امهاصر.
  • سد تيمي نوتين في جنوب غرب دمنات على واد تسَاوت وتقدر حقينته ب 190 مليون متر مُكعب.
  • سد ايت تاشوريت على واد الخضر وتبلغ حقينته 220 مليون متر مُكعب.
  • سد واد غزاف شرق دمنات على بعد 15 كيلومتر ولم يُشار لحقينته في المصدر السابق. حسب ما تسمح به الظروف المادية والأمنية وكذلك الوقت الزمني. ونفهم من ذلك لماذا كان الاهتمام أكثر بهذه المنطقة وخُصِّصت لها دراسة إحصائية واقتصادية وعُمرانية، بل أَنْجزت سلطات الحماية كذلك مسحا طوبوغرافيا أعقبته عملية وضع خرائط متخصصة في كل المجالات. ويُلاحظ كذلك أن هذه المشاريع المدروسة ربما جاءت متأخرة أي في العقد الأخير لعمر الحماية في المغرب. لذلك يحق لنا أن نتساءل هل سيُكتبُ لها أن ترى النور لو جاءت قبل هذا التاريخ؟
ثم تساءل آخر وهو لماذا تعاملت السلطات المغربية في عهد الاستقلال بنوع من الانتقائية اتجاه هذه المشاريع الطموحة؟ أو كسؤال واضح وهو ماذا تحقق لدمنات في ظل ما يقرب لنصف قرن من الاستقلال؟ فالوضع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي ينصب نفسه كجواب شاهد لهذه الأسئلة المطروحة ويُبرز مدى التهميش الكبير والمقصود أحيانا والذي عرفته منطقة دمنات إلى اليوم.
  • معالجة الصوف:
لم تسلم بدورها من سياية الإحتكار الاقتصادي الذي مارسته الإدارة الاستعمارية. فبعد إنشاء (الشركة الإفريقية للغزل والنسيج) بالرباط سنة 1929 م، شنت الإدارة الاستعمارية بتعاون مع أعوانها في الإدارة المحلية حملة ضد منتجي الصوف من أجل إرغامهم على بيع إنتاجاتهم من الصوف للشركة المذكورة وشركات أخرى مماثلة في المدن الكبرى. وقد أضر هذا القرار بالصناعة الحرفية وخاصة منها الدرازة العائلية حيث لا يخلو بيت في منطقة دمنات من ممارسة هذا النشاط ولو في إحدى مراحله كالغسل أو الغزل أو الصباغة أو النسج.
صناعة التعدين:
يمكن أن نصنف التعدين في دمنات إلى صنفين أحدهما حرفي والآخر تعديني استخراجي. فيما يخص الصنف الأول يتمثل في الحرف التعدينية التي كانت تزود منطقة دمنات بحاجياتها من الأدوات الحرفية الحديدية كسكك المحاريث والمناجل وجميع الأدوات الفلاحية والحرفية الأخرى والاستعمالات المنزلية. فقد انتشرت دكاكين الحدادين في وسط دمنات وكانت تزيد عن العشرات إضافة إلى دكاكين أخرى للحدادة تتواجد حتى في القرى الجبلية مثل ملاح ايت ابلال الذي مازالت أطلاله تشهد على ذلك إلى اليوم وقمة جبل توك الخير بين قريتي تمزيت وأيت الراس وكانت تستخدم الحديد الخام المستخرج من مناجم ايت الراس.
الصنف الثاني ويقصد به استخراج المعادن. وكان استخراج الملح من منجم تيزغت بالطرق التقليدية هو النشاط الوحيد المعروف في هذا المجال. وكان يزود المدينة ومحيطها بحاجياتها من هذه المادة ويصدر ما تبقى ويصدر ما تبقى إلى المدن البعيدة. وحسب المصدر السابق فإن هذا المنجم يُشَغِّل 200 عامل وينتج ما يقرب من 1200 طن سنويا، وقد بقي هذا المنجم مستغلا حتى بعد الاستقلال بعد أن تحول إلى شركة تسمى شركة تعلاوت.
ومع الحماية في المغرب بدأ مكتب الأبحاث والمساهمات المعدنية في استكشاف طبقات المناطق الجبلية المحيطة بدمنات. وفعلا تم فتح عدة مناجم أهمها:
  • منجم لإنتاج البريوم في منطقة تاونوت.
  • منجم لإنتاج النحاس والرصاص في منطقة تيغرمت (أسيف نتيلي).
  • منجم لإنتاج الزنك والنحاس والرصاص بمنطقة ايت مزالط.
ويشير تقريرB.E.S.M عدد67 صفحة 362 بأن هناك احتياطات مهمة من الجبس كما أن تنبآت B.R.P.M تَعِدُ بوجود احتياطات قابلة للاستغلال من الحديد والنحاس والأميانط

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق