la ville de Demnate  ,  مدينة دمنات

مدونة مدينة دمنات الجميلة التي تقع وسط جبال الاطلس المغربي la ville de Demnate est une belle ville Marocain

السبت، 23 مارس 2019

مرور شارل دوفوكو بدمنات يومي 6 و7 اكتوبر 1883

مرور  شارل دوفوكو بدمنات يومي 6 و7 اكتوبر 1883

       حاول   شارل دوفوكو ما بين 1883- 1884 في  رحلته إلى المغرب جمع معلومات متنوعة ومتعددة الجوانب حول المغرب أواخر القرن 19 م، فكانت رحلته عبارة عن تقارير مفصلة عن المغرب في تلك الفترة ،  استعانت بها  فرنسا  لاستعمار المغرب بطريقة أيسر وتجاوز أخطاء عملية استعمارها للجزائر،
قام  شارل دوفوكو من خلال مسار رحلته إلى المناطق المجهولة إلى القيام بمسح جغرافي شامل ودقيق لهذه المناطق، وذلك من خلال التركيز في تقريره على الوصف الجغرافي الدقيق والموضوعي للمناظر والمجالات المغربية التي زارها من حيث أشكالها التضاريسة وتكوينها الجيولوجي، والطبوغرافيا والمناخ والهيديرولوجيا والتشكيلات النباتية….، مدعما وصفه بالقياسات والرسوم التوضيحية و الخرائط، و كأننا لسنا أمام إثنوغرافي جاء لاكتشاف الجوانب الثقافية لمجتمعات المغرب المجهول بل أمام طائرة استطلاع تجسسية جاءت لتتجسس فوق الأراضي المغربية. 
كما مكن عيش شارل دو فوكو في المجتمع المغربي لحوالي سنة من جمع مادة إثنوغرافية عنه مكنته من التعرف عن أسرار البنيات الاجتماعية للمناطق التي اكتشفها من المغرب خاصة أنه من خلالها العديد من الأحداث التي تعرف من خلالها على ثقافة المجتمع المغربي وأهم عاداته ومعتقداته وتقاليده وسلوكاته ولهاجاته…
    هذا بالإضافة إلى اكتشافه للقبائل وامتداداتها وتقسيماتها.. ، كذلك خصائص النظام الاجتماعي للبربر. كل هذه المعطيات وان كانت ذات صبغة استعمارية وإيديولوجية استكشافية إلا أنها في الحقيقة تكشف لنا بعض المعطيات المهمة حول خصائص مغرب ما قبل الحماية.
           كما عمل شارل دوفوكو في رحلته على وصف وتحليل النظام السياسي السائد في المغرب في فترة نهاية حكم السلطان الحسن الأول، وعلاقة القبائل بالنظام المخزني في إطار” بلاد المخزن ” كنقطة واقعة ضمن دائرة النفوذ السياسي للمخزن و” بلاد السيبة ” حيث لا سلطة إدارية للمخزن بل اعتراف بالبعد الديني للسلطان فقط.
      إذن كل هذه الظروف السياسية التي تعيشها العديد من القبائل خلال هذه الفترة رصدها شارل دو فوكو من أجل تسهيل عملية تغلغل الجهاز الاستعماري الفرنسي إلى المغرب.
 رصد مدى توفر الأمن في مناطق المغرب بحيث كررت غير ما مرة قضية انعدام الأمن بلاد السيبة
  تبقى الرحلة التي قام بها شارل دوفوكو أواخر القرن 19م، من أهم المراجع لمن يريد التعرف على مغرب ما قبل الحماية، سواء جغرافيا، أو إجتماعيا، أو أنثروبولوجيا، أو تاريخيا…، وخاصة أن مسار الرحلة حاول فيه أن يسبر أغوار المغرب المجهول أو مغرب السيبة.
يقول شارل دو فوكو في وصف  دمنات :
        '' ... يحيط  بدمنات  هذه  المدينة مقر  قايد يسير اقليم دمنات الذي تحده قبائل السراغنة شمالا ، وانتيفة وأيت بولي شرقا والمنحدرات العليا للأطلس الكبير جنوبا  وقبيلة زمران غربا .
       يحيط بدمنات حزام مستطيل الشكل من أسوار مسننة تجهزها دكة رمي  الرصاص وتحصنها ابراج ، وكل هذه التحصينات في حالة جيدة : ليس بها لا ثغرات ولا أجزاء مخربة،  للمدينة ثلاثة   ابواب للقصبة حزامها الخارجي وتحميها خنادق،  هذه الأخيرة هي الوحيدة التي شاهدتها في المغرب.عرض هذه الخنادق ما بين 7 و 8 أمتار ويملؤها جزئيا بالماء  وسط هذا المحرز  ce reduit  شيد المسجد الكبير ودار القايد . شيت جميع بنايات المدينة – الاسوار والقصبة والمساجد- من المقدار لا توجد بناية مطلاة بالجير باستثناء دار القايد والمئذنة المجاورة لها ،  لون باقي المدينة اسمر داكن – اللون الذي يميز مساكن بجعد .تحتل المنازل 3/2 من مساحة المدينة داخل الاسوار .المنازل في حالة جيدة وان كانت رديئة التشييد .تحتل المزروعات جزءا من ثلث مجال المدينة غير المبني وساحة السوق الجزء الاخر المتبقي منه .لا توجد بتاتا لا ارض بور ولا اطلال : مجمل القول ان مظهر المدينة مظهر ثراء .سكان دمنات 3000 نسمة تقريبا ضمنها 1000 من اليهود ليس لهم ملاح بل يسكنون بين المسلمين الذين يعاملونهم بطيبوبة استثنائية :
        دمنات وصفرو هما الناحيتان الوحيدتان في المغرب حيث يسعد اليهود اكثر من غيرهما .وهناك مقارنات  اخرى  بين هاتين المدينتين التي تثير نقط تشابههما الانتباه: نفس الموضع عند قدم الاطلس ، على ابواب الصحراء ، سكان متساوون في  العدد و مكونون بطريقة متشابهة ، ثراء يكاد يتساوى ، نفس نوع التجارة ، لكلا الفئتين سجايا هادئة ومهذبة .نفس الحزام الاخضر من حدائق رائعة وشاسعة :باختصار إن مثل صفرو لفاس كمثل دمنات لمراكش .
       تجارة دمنات كالتالي "تقصدها قبائل الاطلس والصحراء '' منطقة دادس وتودغة'' للتزود من المواد الاوروبية ومن المواد المصنوعة بالمدن المغربية من انسجة قطنية وسكر وشاي وعطور ومجوهرات وبلغات .كما تقتني هذه القبائل ايضا الحبوب ولكن بكمية قليلة .و تحمل هذه القبائل الى دمنات ، في المقابل، الجلود والصوف والتمور التي يتاجر بها السكان مع مراكش . كونت هذه التجارة المزدهرة فيما مضى مصدر ثروة دمنات : منذ 4 او 5 سنوات هذه التجارة في تراجع : أرسل السلطان خلال هذه الفترة امينا طماعا الى حد ان التجارة لم تعد ممكنة : اصبح على كل من كان يعبر ابواب المدينة ، مهما كان مصدر البضاعة اداء ضريبة تعسفية مرتفعة الى حد انه سرعان ما هجرت القبائل المجاورة والقوافل هذا السوق وتحولت كلها الى مراكش حيث تتاجر الآن .
     تحيط بدمنات بساتين جذابة من كل الجهات وهي من اوسع بساتين المغرب تنتشر وسط هذه البساتين مجموعة من القرى تكاد تتماس بعضها مع بعض فتكون ما يشبه ضواحي المدينة هذه البساتين مشهورة خارج المنطقة : خصوبتها واتساعها وذوق فواكهها وكثرتها وعنبها الجيد ذات شهرة خارقة .
هذه البساتين ملاصقة لبساتين دمنات .انها بساتين ايت اوعودنس /ايت ووادنوست : تذكر هذه البساتين بنموذج لعمل '' Rapacite'' السلطان . حالة البؤس التي عليها رعاياه .كانت هذه الحدائق ملكية شاسعة وعجيبة انها غابة اشجار الزيتون قديمة واشجار فواكه عتيقة تسقى من سواقي  متعددة  كانت حتى بضع سنوات خلت في ملك رجل معروف بثروته ورجاله اسمه '' علي أو لحسوب '' لا زالت  دار هذا الرجل الثري قائمة منتصبة على قمة ربوة مشرفة على هذه الحدائق .
   أقلقت السلطان هذه الثروة الضخمة وهذا التفاخر وهذه السلطة .وهكذا ذات ليلة اخذ السلطان بغثة هذا الرجل ، القى القبض عليه ونقل عنوة –اما طمعا في هذا الملك او خوفا من تاثير النفوذ المتنامي لرجل بهذه الدرجة .ثم القي بالرجل في السجن بجزيرة موكادور – حيث كان يعرف هذا السجين بالدمناتي –ان البائس ابن علي قد استعاد حريته مقابل تخليه عن جميع ممتلكاته ، بعد عدة سنوات من السجن .الا انه لم يتمتع بهذه الحرية : لقد مات عند مغادرته السجن عند باب موكادور ...''
الصفحات 105-106-107  من كتاب :'' التعرف على المغرب     1883-1884 ''/الجزء الأول /  شارل دوفوكو 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق